Saturday, January 20, 2007

سلسلة مقالات وليد راشد - 4 أضرب المربوط




أضرب المربوط


بقلم/ وليد راشد




قل ما شئت أن تقول عن موروث ثقافي اجتماعي ملخصه ( أضرب المربوط يخاف السايب) هذه العلاقة و النسبة والتناسب بين حكومتنا وشعبنا ونحن بالتبعية نبادلها نفس الشعور والإحساس بل و الفلسفة و الثقافة بـ (امشي جنب الحيط) و(خلينا في حالنا علشان لقمة العيش) و ما دام الحال هكذا لماذا تشكون من البطالة ومن الظلم والجشع وغلاء الأسعار؟ لماذا تطالبون دائما بمستوى وحياه أفضل؟ ما دام القصة كلها مختصرها (خلينا في حالنا علشان لقمة العيش)؟

أعتقد أن علاقة المصريين كشعب بحكامهم هي واحدة من أندر العلاقات في التاريخ و كأننا لهم تابعين مهما كانت قراراتهم وتصرفاتهم و الطريقة التي بها يحكموننا, فعندما قال مبارك أن المساس بالدستور يعتبر "جريمة" خرج منا من صفق!! بل و يزيد على كون المساس بالدستور خطيئة و خبل وجنون, و عندما قرر مبارك تعديل 34 مادة من الدستور صفق الشعب أيضا و احتسبوها خطوه تاريخيه ووقفه للزمن

ذات مره كنت أستقل أحد المواصلات العامة – و هي في بلدي رحله عجيبة لا يقدر على تجسيدها أبرع المخرجين السينمائيين – و كان حديث "الثلاثاء" في هذه المواصلة عن تعديل المادة 76 من الدستور وعن التوريث المنتظر و فجأة قاطع الحديث أحد الأشخاص قائلا:

- في رأيي أفضل من يحكم مصر الآن هو جمال مبارك

وسألته مسرعا: هل تمزح أم تتحدث بجد؟

قال: بل بمنتهى الجد

قلت له: أقنعني بوجهة نظرك لعلي أفهم شيئا

قال: لو أن والدك يملك شركة أو مصنعا ويوما بعد يوم أخذك معه لهذه الشركة حتى تعلمت منه بمرور الوقت الحرفة ألن تجيدها؟ جمال مبارك تعلم من والده مبارك الحرفة

و هنا وقفت دقيقة صمت و هرولت للباب مسرعا أطلب النزول. فمصر أصبحت عزبة أو مصنعا. و حكمنا أصبح حرفه يتعلمها الابن من والده! و تمر بعض الأيام و أرى على حوائط محافظتي عبارات تأييد لمبارك بشكل لافت جدا للنظر و لكن استوقفتني عبارة لن أجدها مكتوبة على أي حائط في العالم مكتوب عليها: "نعم لمبارك ولا للفتنة" و لا تعليق

الغريب في العلاقة بين المصريين وحكامهم أن المصريين لا يتعرضون للظلم و القهر و أدنى مستويات الحياة الإنسانية و يتحملون و أمرهم إلى الله بل و يردون بالغناء والشكر مهللين فرحين و يهتفون بالروح و الدم و بـ "اخترناك ... اخترناك وعلى حياتنا استأمناك ... و إحنا معاك لمشاء الله" و "يا مبارك يا حبيب الشعب" و غيرها

هل تذكرون أحداث يناير سنة 1977 عندما قرر السادات رفع أسعار السلع الأساسية خرج ألاف المصريين في انتفاضه شعبيه و على إثرها عدل السادات عن قراره و عادت الأسعار إلى سابق عهدها ... و الآن أيضا زادت الأسعار و بأضعاف أضعاف الزيادة الأولى و لكن خرج عشرات من المصريين ينددون بالزيادة! ماذا حدث للمصريين؟ أين هم؟ أبحث عنهم في كتب التاريخ القديم و فقط

كم مصري مثلا مهتم أو مشغول أو مهموم بالتعديلات الدستورية الحالية؟ قل هم الساسة أو المثقفون, و باقي الشعب في العالم الآخر و لا ادري أين يستقر هذا العالم الآخر

هل تصدقون انه عندما يموت مبارك سيخرج من ورائه جموع و جموع من المصريين و يحلفون بحياته و عصره الذي يعتبر من أزهى العصور (!!!!) و الرخاء الاقتصادي الذي كنا نعيش فيه؟ هل تصدقون أن هذا سيحدث؟ أنا أصدق و انتظر حدوثه حتى لا أفاجئ به يوم حدوثه ... وتذكروا معي قبل السلام العظيم أحمد مطر حين قال


أدعو للحكام بالصبر علينا ...... يا مواطن
و اشكر الله الذي ألهمهم موهبة القمع .... و إعداد الكمائن
قل: الهي أعطهم مليون عين ... أعطهم ألف ذراع
أعهم موهبة اكبر في ملئ الزنازين و تفريغ الخزائن
ربي ساعدهم علينا
فهم اثنان وعشرين شريفا مخلصا حرا
وإنا يا إلهي ...مئتا مليون خائن